وَقَوْله تَعَالَى " ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ " أَيْ هَذَا الْجَزَاءُ حَاصِلٌ لِمَنْ خَشِيَ اللَّهَ وَاتَّقَاهُ حَقَّ تَقْوَاهُ وَعَبَدَهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرَهُ فَإِنَّهُ يَرَاهُ.
The Surah is so designated after the word al occurring at the end of the first verse.
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ كَثِير مِنْ الْأَئِمَّة كَالزُّهْرِيِّ وَالشَّافِعِيّ بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة عَلَى أَنَّ الْأَعْمَال دَاخِلَة فِي الْإِيمَان وَلِهَذَا قَالَ " وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُؤْتُوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة ".
The surah is also known as: The Clear Evidence, The Clear Proof, The Clear Sign, The Evidence.
ولكنّ ابن الزبير وعطاء بن يسار قالوا إنّها مدنية، وذكر القرطبي أنّ الجمهور وابن عباس -رضي الله عنهما- قالوا إنّها مدنية، ونسب القول بأنّها مكيّة إلى يحيى بن سلام، وقد أورد ابن كثير في تفسيره حديثًا يُفيد بأنّه لمّا نزلت سورة البيّنة أمر الله تعالى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بواسطة جبريل -عليه السلام- أنّ يقرأها أُبي بن كعب -رضي الله عنه- وأُبي من أهل المدينة.
أَمَّا أَهْل الْكِتَاب فَهُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ عَبَدَة الْأَوْثَان وَالنِّيرَان مِنْ الْعَرَب وَمِنْ الْعَجَم وَقَالَ مُجَاهِد لَمْ يَكُونُوا " مُنْفَكِّينَ" يَعْنِي مُنْتَهِينَ حَتَّى يَتَبَيَّن لَهُمْ الْحَقّ وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَة " حَتَّى تَأْتِيهِمْ الْبَيِّنَةُ " أَيْ هَذَا الْقُرْآن وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيهِمْ الْبَيِّنَة".
وَهَذَا كَمَا أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب لَمَّا سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة عَنْ الْأَسْئِلَة وَكَانَ فِيمَا قَالَ أَوَلَمَ تَكُنْ تُخْبِرنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْت وَنَطُوف بِهِ : قَالَ " بَلَى أَفَأَخْبَرْتُك أَنَّك تَأْتِيه عَامك هَذَا قَالَ لَا قَالَ " فَإِنَّك آتِيه وَمُطَّوِّفٌ بِهِ ".
فلمّا بُعث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قاومه المشركون وعصوه ورفعوا راية العداء في وجهه، وآذوا كلّ من اتبعه وسلك سبيله؛ ممّن أنار الله -تعالى- بصائرهم وشرح صدورهم لمعرفة الحق، أمّا اليهود فلم يتخذوا الموقف الذي تحدّثوا عنه قبل ظهور نبوّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بل صاروا يقولون إنّه لم يأتِ بشيء جديد وكلّ ما جاء به مذكور لديهم في كتبهم التي نزلت على أنبيائهم، فلا ينبغي لهم أن يتركوا ما هم عليه من الحق ليتّبعوا رجلًا لم يأتِ بأفضل ممّا هو بين أيديهم.