فهناك نصوص أطلقت وصف النفاق على ممارسات وسلوكيات هي من قبيل والأخطاء التي لا يخرج بها صاحبها من الإسلام إلى الكفر، ولكنها أعمال وسلوكيات يختص بها المنافقون لا يلزم أن يحكم بها على معتقد الشخص وباطنه، والذنوب -كما هو معلوم- داخلةٌ تحت المشيئة، إن شاء الله ذهب بها ومحا أثرها، وإن شاء جازى بها وعذّب صاحبها.
قال لبيد وذكر الشمس: حتى إذا ألقت يداً في كافِر وأجنَّ عَوْراتِ الثّغور ظَلامُها قوله: ألقت يداً في كافر، أي دخل أولها في الغور، وهو مثل قول الآخر يصف ظليما أو نعامة: فتذكَّرا ثَقَلاً رشيداً بعدما ألقَتْ ذُكاء يمينها في كافر وذُكاء: هي الشمس، ومنه يقال للصُّبْح: ابن ذُكاء؛ لأنَّ ضوءه من الشمس، فكأن الأصل في قولهم: كافر، أي ساتر لِنِعَم الله عليه.
وسنحاول أن نستعرض هذا النوع من النفاق، من خلال قولٍ مهم لشيخ الإسلام ابن تيمية، ذكر فيه ما يتعلّق بالنفاق الكفري، وهو نصٌّ مهم يبيّن ملامحه وصفاته، وهو قوله رحمه الله: "فمن النفاق ما هو أكبر، ويكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار؛ كنفاق عبد الله بن أبي وغيره؛ بأن يظهر تكذيب الرسول، أو جحود بعض ما جاء به، أو بغضه، أو عدم اعتقاد وجوب اتباعه، أو المسرّة بانخفاض دينه، أو المساءة بظهور دينه.
.